JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

سورية ما بعد رفع العقوبات



نحو أفق جديد من التعافي والبناء

 

بقلم رئيس التحرير مصطفى طه باشا

 

بعد سنوات طويلة من العزلة الاقتصادية والضغوط الدولية, يفتح رفع العقوبات المفروضة على سورية, بابًا جديدًا أمام الشعب السوري, يحمل في طياته آمالًا كبيرة وتحديات جسيمة, هذا الحدث المفصلي لا يُعد مجرد تغيير في السياسة الدولية, بل بداية مرحلة جديدة قد تُعيد تشكيل ملامح الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد.

في سياق الحديث عن رفع العقوبات, لابد من الحديث عن عدة نقاط, أولها الاقتصاد السوري الذي عانى من الاختناق والآن يعود إلى التنفس, لعل أكثر القطاعات التي تأثرت بالعقوبات كانت الاقتصاد, فقد تراجعت قيمة الليرة السورية بشكل غير مسبوق, وارتفعت الأسعار بشكل حاد, وشُّلت حركة الاستيراد والتصدير, ومع رفع العقوبات يُتوقّع أن تبدأ الدورة الاقتصادية بالتحرك مجددًا من خلال؛ عودة الاستثمارات لا سيما من الجاليات السورية في الخارج والدول الصديقة, وتحسين البنية التحتية من خلال مشاريع إعادة الإعمار التي تعطلت طويلًا, وتوفير فرص العمل وفتح أبواب جديدة أمام الشباب السوري, الذين ضاق بهم الحال في السنوات الماضية.

ومن النقاط المهمة الإنسان السوري, حيث سيتمكن من استعادة الكرامة والفرص, العقوبات لم تكن مجرد أدوات ضغط سياسية, بل تركت أثرًا مباشرًا على حياة المواطن السوري, من نقص الدواء وانقطاع الكهرباء إلى صعوبات التحويلات المالية والتعليم, وبعد رفع العقوبات يمكن أن تشهد البلاد, تحسنًا في القطاع الصحي عبر استيراد المعدات والأدوية المحظورة سابقًا, وإعادة تأهيل المدارس والجامعات, وتسهيل التعاون العلمي مع الخارج, وتحسن جودة الحياة بشكل عام, نتيجة انخفاض التكاليف وزيادة المدخول.

التحديات القادمة ما بعد رفع العقوبات ليس نزهة, رغم التفاؤل لا يمكن إغفال التحديات التي ستواجه سورية بعد رفع العقوبات أبرزها, الفساد الإداري الذي قد يُضعف من أثر المساعدات والاستثمارات, والبنية القانونية المتآكلة التي تحتاج إلى إصلاح جذري لضمان العدالة والشفافية, وغياب الاستقرار السياسي الشامل, ما لم تتم مصالحة وطنية حقيقية تُشرك جميع مكونات المجتمع السوري, حيث لا تعافي دون مشاركة شعبية, يبقى الأمل معقودًا على السوريين أنفسهم, سواء في الداخل أو في بلاد الغربة. رفع العقوبات فرصة لكنها ليست ضمانة, المطلوب اليوم ترسيخ ثقافة العمل والبناء بدلاً من الاتكالية وانتظار المعونات, وأيضًا دعم المبادرات المحلية التي تسعى إلى تحسين حياة الناس, بعيدًا عن التجاذبات والاختلافات السياسية, ويجب أن لا نغفل المشاركة في إعادة صياغة الهوية الوطنية على أسس التسامح والتعدد والعدالة.

رفع العقوبات عن سورية ليس نهاية الطريق بل بدايته, هو فرصة لإعادة بناء ما تهدّم, ولإحياء ما خَفت صوته, ولرسم مستقبل يليق بتضحيات السوريين جميعًا, النجاح في هذه المرحلة؛ يتطلب حكمة القادة, وصدق النوايا, وإرادة شعب لا يزال رغم كل شيء يُؤمن بالحياة.

الاسمبريد إلكترونيرسالة